سورة فاطر - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (فاطر)


        


قوله عز وجل: {وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ} الآية. فيه قولان:
أحدهما: أن هذا مثل ضربه الله تعالى للمؤمن والكافر، كما لا يستوي الأعمى والبصير، ولا تستوي الظلمات ولا النور، ولا يستوي الظل ولا الحرور لا يستوي المؤمن والكافر، قاله قتادة.
الثاني: أن معنى قوله وما يستوي الأعمى والبصير أي عمى القلب بالكفر وبصره بالإيمان، ولا تستوي ظلمات الكفر ونور الإيمان، ولا يستوي ظل الجنة وحرور النار، قاله السدي.
والحرور الريح الحارة كالسموم، قال الفراء: الحرور يكون بالليل والنهار، والسموم لا يكون إلا بالنهار.
وقال الأخفش: الحرور لا يكون إلا مع شمس النهار، والسموم يكون بالليل والنهار.
قال قطرب: الحرور الحر، والظل البرد. ومعنى الكلام: أنه لا يستوي الجنة والنار.

قوله عز وجل: {وَمَا يَسْتَوِي الأَحْيَآءُ وَلاَ الأَمْوَاتُ} فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنه مثل ضربه الله تعالى للمؤمن والكافر، كما أنه لا يستوي الأحياء والأموات فكذلك لا يستوي المؤمن والكافر، قاله قتادة.
الثاني: أن الأحياء المؤمنون الذين أحياهم الإيمان. والأموات الكفار الذين أماتهم الكفر وهذا مقتضى قول السدي.
الثالث: أن الأحياء العقلاء، والأموات الجهال، قاله ابن قتيبة وفي (لاَ) في هذا الموضع وفيما قبله قولان:
أحدهما: أنها زائدة مؤكدة.
الثاني: أنا نافية لاستواء أحدهما بالآخر.
{إنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَآءُ} أي يهدي من يشاء

{وَمَآ أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِِ} فيه وجهان:
أحدهما: أنه مثل ضربه الله، كما أنك لا تُسمع الموتى في القبور كذلك لا تسمع الكافر.
الثاني: أن الكافر قد أماته الكفر حتى أقبره في كفره فلذلك لا يسمع، وقيل إن مراد الله تعالى بهذه الآية الإخبار أن بين الخير فروقاً، كما أن بين الشر فروقاً، ليطلب من درجات الخير أعلاها ولا يحتقر من درجات الشر أدناها، وهو الظاهر من قول علي ابن عيسى.
قوله عز وجل: {إنَّآ أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً} أي بالقرآن بشرى بالجنة.
{وَنَذِيراً} من النار. {وَإن مَّنْ أُمَّةِ إِلاَّ خَلاَ فِيهَا نَذِيرٌ} أي سلف فيها نبي، قال ابن جريج: إلا العرب.


قوله عز وجل: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجَنْا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا} وفيه مضمر محذوف تقديره مختلف ألوانها وطعومها وروائحها، فاقتصر منها على ذكر اللون لأنه أظهرها {وَمِنَ الْجبَالَ جُدَدٌ} فيه وجهان:
أحدهما: أن الجدد القطع مأخوذ من جددت الشيء إذا قطعته، حكاه ابن بحر.
الثاني: أنها الخطط واحدتها جُدة مثل مُدة ومدد، ومنه قول زهير:
كأنه أسفع الخدين ذو جُدد *** طاوٍ ويرتع بعد الصيف عريانا
{بِيضُ وَحُمرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ} والغربيب الشديد السواد الذي لونه كلون الغراب. ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم «إِنَّ اللَّهَ يَبْغَضُ الشَّيخَ الْغِرْبِيبَ» يعني الذي يخضب بالسواد، قال امرؤ القيس:
العين طامعة واليد سابحة *** والرجل لافحة والوجه غربيب
وقيل فيه تقديم وتأخير، وتقديره سود غرابيب
وفي المراد بالغرابيب السود ثلاثة أوجه:
أحدها: الجبال السود، قاله السدي.
الثاني: الطرائف السود، قاله ابن عباس.
الثالث: الأودية السود، قاله قتادة.

{وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوآبِّ وَالأَنعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلَوَانُهُ كَذلِكَ} فيه وجهان
أحدهما: كذلك مختلف ألوانه أبيض وأحمر وأسود.
الثاني: يعني بقوله كذلك أي كما اختلف ألوان الثمار والجبال والناس والدواب والأنعام كذلك تختلف أحوال العباد في الخشية.
ثم استأنف فقال: {إنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عَبَادِهِ الْعُلَمَآءُ} يعني بالعلماء الذين يخافون.
قال الربيع بن أنس: من لم يخش الله فليس بعالم. قال ابن مسعود: المتقون سادة، والعلماء قادة. وقيل: فاتحة الزبور الحكمة خشية الله.


قوله عز وجل: {يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ} يعني الجنة، وفيها وجهان
أحدهما: لن تفسد، قاله يحيى بن سلام.
الثاني: لن تكسد، قاله علي بن عيسى والأول أشبه لقول الشاعر:
يا رسول المليك إن لساني *** راتق ما فتقت إذا أنا بور
قوله عز وجل: {لِيُوَفِّيهُمْ أُجُورَهُمْ} يعني ثواب أعمالهم

{وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ} فيه أربعة أوجه
أحدها: يفسح لهم في قبورهم، قاله الضحاك.
الثاني: يشفعهم فيمن أحسن إليهم في الدنيا، قاله أبو وائل.
الثالث: يضاعف لهم حسناتهم، وهو مأثور.
الرابع: غفر الكثير والشكر اليسير، قاله بعض المتأخرين.
ويحتمل خامساً: يوفيهم أجورهم على فعل الطاعات ويزيدهم من فضله على اجتناب المعاصي {إنَّهُ غَفُورٌ} للذنب.
{شَكُورٌ} للطاعة. ووصفه بأنه شكور مجاز ومعناه أن يقابل بالإحسان مقابلة الشكور لأنه يقابل على اليسير بأضعافه.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6